الدين المعاملة

انتشر مصطلح الدين المعاملة بين الناس , قد يظن البعض أن هذه الجملة هى حديث عن النبى صلى الله عليه وسلم ولكنها لم ترد على لسان النبى صلوات الله عليه ولا فى حديث صحيح ولا حديث ضعيف ولكن أتى على لسان النبى صلى الله عليه وسلم ما يوحى بهذا المعنى فقد قال صلى الله عليه وسلم :"إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق"  وفى رواية أخرى :"إنما بُعثت لأتمم صالح الأخلاق" .
فحياة الإنسان تنقسم إلى قسمين من المعاملة
القسم الأول : المعاملة بينه وبين العباد .
القسم الثانى : المعاملة بينه وبين رب العباد .
من وفق بين القسمين يكون قد حقق ما أمره الله به وحقق ما أمر به المبعوث من الله رحمة للعالمين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الذى جمع الدعوة الإسلامية وجمع الدين الإسلامي فى عبارة واحدة وهى إتمام مكارم الأخلاق .
لو تحدثنا عن معاملة العرب قبل الإسلام بربهم نجد أن منهم من كان يعبد الأصنام ويقدم لها القرابيين وكان حول الكعبة 360صنما يطفون حولها عرايا وقد تجردوا من ثيابهم ويسجدون لهم ومن الطريف أن كان الرجل منهم يصنع لنفسه صنما من العجوة يعبده ويطلب منه أن يحميه من الشرور حتى إذا جاع أكله وشرب وراءه كأسا من الخمر حتى جاء الإسلام يدعو لعبادة الله وحده لاشريك له وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ .
أما عن معاملاتهم فيما بينهم فكانت الحروب تقوم بينهم لأتفه الأسباب، وتستمر مشتعلة أعوامًا طويلة فهذان رجلان يقتتلان، فيجتمع الناس حولهما، وتناصر كل قبيلة صاحبها، لم يسألوا عن الظالم ولا عن المظلوم، وتقوم الحرب في لمح البصر، ولا تنتهي حتى يموت الرجال، وانتشرت بينهم العادات السيئة مثل: شرب الخمر، وقطع الطرق والزنا.
وكانت بعض القبائل تهين المرأة، وينظرون إليها باحتقار، فهي في اعتقادهم عار كبير عليهم أن يتخلصوا منها، فكان الرجل منهم إذا ولدت له أنثى؛ حزن حزنًا شديدًا. قال تعالى: "وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودًا وهو كظيم يتواري من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه علي هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون" وقد يصل به الأمر إلى أن يدفنها وهي حية، وهي العادة التي عرفت عندهم بوأد البنات.
فهذا رجل يحمل طفلته ويسير بها إلى الصحراء فوق الرمال المحرقة، ويحفر حفرة ثم يضع ابنته فيها وهي حية، ولا تستطيع الطفلة البريئة أن تدافع عن نفسها؛ بل تناديه: أبتاه .. أبتاه .. فلا يرحم براءتها ولا ضعفها، ولا يستجيب لندائها.. بل يهيل عليها الرمال، ثم يمشي رافعًا رأسه كأنه لم يفعل شيئً قال تعالى: "وإذا الموءودة سئلت بأي ذنب قتلت" وليس هذا الأمر عامًا بين العرب، فقد كانت بعض القبائل تمنع وأد البنات.
وكان الظلم ينتشر في المجتمع؛ فالقوى لا يرحم الضعيف، والغني لا يعطف على الفقير، بل يُسخره لخدمته، وإن أقرضه مالا؛ فإنه يقرضه بالربا، فإذا اقترض الفقير دينارًا؛ يرده دينارين، فيزداد فقرًا، ويزداد الغني ثراء، وكانت القبائل متفرقة، لكل قبيلة رئيس، وهم لا يخضعون لقانون منظم .
كيف تخلص الإسلام من هذه العادات السيئة فى المجتمع الجاهلى ؟
فظاهرة الثأر من العادات السيئة، ومن بقايا الجاهلية التي كانت منتشرة في الناس قبل الإسلام، فلما أشرق الإسلام بتعاليمه السمحة، قضى على هذه الظاهرة وشرع القصاص، حيث يطبق بالعدل، ويقوم به ولي الأمر، وليس آحاد الناس حتى لا تكون الحياة فوضى كما فى قوله تعالى : قال الله تعالى: (يأيها الذين آمنوا كُتب عليكم القصاص في القتلى الحرُّ بالحرِّ، والعبدُ بالعبدِ والأنثى بالأنثى فمن عُفِيَ لَهُ مِنَ أَخِيهِ شَيءٌ فاتباعٌ بالمعروفِ وأداء إليه بإحسانٍ ذلك تخفيفٌ مِنْ ربِّكُم ورحمةٌ فَمن اعتدى بعدَ ذلكَ فَلَهُ عَذَابٌ أليمٌ· ولكم في القصاصِ حياةٌ يا أُولي الألبابِ لعلَّكُم تتقون)  قد يقف البعض عند قوله تعالى :"ولكم فى القصاص حياة يا أولى الألباب " مستعجباً ويقول القصاص قتل والقتل عكس الحياة فكيف يكون فى القصاص حياة أقول له أولاً : بقتل القاتل قد حافظنا على حياة الكثيرين وبالتالى يكون القصاص حياة لكثير من الأرواح البريئة , ثانياً : أننا لو لم نطبق القصاص وتركنا كل فرد يأخذ حقه كما كان فى الجاهلية لضاعت حياة الكثيرين بدون ذنب .
كما كرم الإسلام المرأة بعدما كانت لا شىء فى الجاهلية فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : جاء رجل فقال يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي ؟ قال : أُمك , قال : ثم من ؟ قال : أُمك , قال : ثم من ؟ قال : أُمك , قال : ثم من ؟ قال : أبوك.) متفق عليه
كما ذم الله سبحانه وتعالى من يبغض المرأة فقال :"وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم , يتوارى من القوم من سؤ ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون" .
وللزوجة على زوجها حقوق يحميها الشرع فمنها : المهر , والنفقة عليها بالمعروف , والسكن والملبس , كما أن لها حرية اختيار الزوج كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لاتُنكح البكر حتى تُستأذن ولا الثيب حتى تستأمر) أخرجه البخاري
على الرغم من كل هذه المساوء والسلبيات التى أتى الإسلام وتخلص منها كانت هناك إيجابيات فى المجتمع الجاهلى كإكرام الضيف، فإذا جاء ضيف على أحدهم بذل له كل ما عنده، ولم يبخل عليه بشىء، فها هو ذا حاتم الطائي لم يجد ما يطعم به ضيوفه؛ فذبح فرسه -وقد كانوا يأكلون لحم الخيل- وأطعمهم قبل أن يأكل هو.
وكانوا ينصرون المستغيث فإذا نادى إنسان، وقال: إني مظلوم اجتمعوا حوله وردوا إليه حقه، وقد حدث ذات مرة أن جاء رجل يستغيث، وينادي بأعلى صوته في زعماء قريش أن ينصروه على العاص بن وائل الذي اشترى منه بضاعته، ورفض أن يعطيه ثمنها؛ فتجمع زعماء قريش في دار عبدالله بن جدعان وتحالفوا على أن ينصروا المظلوم، ويأخذوا حقه من الظالم، وسموا ذلك الاتفاق حلف الفضول، وذهبوا إلى العاص بن وائل، وأخذوا منه ثمن البضاعة، وأعطوه لصاحبه.
وفي هذا المجتمع ولد محمد صلى الله عليه وسلم من أسرة كريمة المعدن، نبيلة النسب، جمعت ما في العرب من فضائل، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نفسه: (إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشًا من كنانة واصطفي من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم) (مسلم) .


لو عجبك الموضوع ساهم فى نشره
كن أحد معجبينا للفيس بوك وإضغط زر like أو ساهم بنشر الصفحة share
كن إيجابياً لا تقرأ وترحل بل أترك لنا تعليقاً...
إدعــم : صفحتى للفيـس بـوك


 

حقوق تطوير وتعديل القالب والإضافة عليه : أنس الباشا | مستضاف على بلوجر | فوتوشوب | تعديــــل | تعديــــل