الجبرية

تحدثنا فى الموضوع السابق عن مسألة الجبر والإختيار ، وهل الإنسان مُخير أم مُسير ، وقولنا أن الرد على هذا السؤال إنقسم لقسمين ، القسم الأول : وهم القدرية قالوا أن الإنسان مُخير فى أفعاله وأنكروا القدر على الله سبحانه  وتعالى .
سنتحدث فى هذا الموضوع بمشيئة الله عن القسم الثانى : وهم الجبرية  الذى يرون أن الإنسان مُجبر فى أفعاله ويرون أن الله أجبر العباد على الذنوب و الطاعة والعصيان من الأقوال والأعمال ، هي عندهم عين فعل الله عز وجل .
من شخصيات الجهمية
أولاً : جهم بن صفوان .
شخصية من أكبر شخصيات الإسلام ، وقد نسبت إليه فرق الجهمية ثم نسبت إليه المعتزلة حيث لقبت المعتزلة منذ عهد المأمون بالجهمية حيث أن الفرقتين تتفق فى أصول هامة وتختلف فى أصول جوهرية ولكن من جهة أخرى نستطيع أن نجد فيهما أصلا ومبدأ لطائفة المجبرة وهذا يبين أهمية جهم بن صفوان فى تاريخ الفكر الإسلامي .
قتله اسلم بن أحوز المازني فى آخر ملك بنى أمية .
كان من مذهبه ألا اختيار لشىء من الحيوانات مما يجرى عليهم فكلهم مضطرون لا استطاعة لهم ، والإنسان كذالك لا يقدر على شىء ولا يوصف بالإستطاعة وإنما هو مجبور فى أفعاله لا قدرة له ولا إرادة ولا إختيار ، كما زعم جهم أن الإيمان هو المعرفة بالله تعالى فقط وأن الكفر هو الجهل به فقط ، كما امتنع من وصف الله تعالى بأنه حى أو عالم أو مريد وقال : أأصفه بوصف يجوز إطلاقه على غيره ووصفه بأنه قادر وموجود وفاعل وخالق ومحى ومميت لأنه هذه الأوصاف مختصة به وحده .
يرى ابن تيمية شيخ الإسلام أن جهم بن صفوان والجهمية قد ارتكتبت أربع عظائم :
الأولى : ردهم لنصوص الأنبياء عليهم السلام .
الثانية : ردهم ما يوافق ذلك من معقول العقلاء .
الثالثة : جعل ما خالف ذلك من أقوالهم المجملة والباطلة هى أصول الدين .
الرابعة : تكفيرهم أو تفسيقهم لمن خالف هذه الأقوال .

تنقسم الجبرية إلى
جبرية متوسطة  :  يسندون الفعل إلى الله ، ويثبتون للعبد كسبا .
جبرية خالصة  :  لا تثبت للعبد شيئا كالجهمية أصحاب الجهم بن صفوان  .
وقول الجهمية من أعظم مقالات أهل الإفك والضلال باتفاق سلف الأمة وأئمتها ، حتى إن الإمام عبد الله بن المبارك لما سئل عن الاثنتين وسبعين فرقة ، أجاب بأن أصولها أربعة : الشيعة ، والخوارج ، والمرجئة ، والقدرية . فقيل له فالجهمية ؟ فقال : ليست الجهمية من أمة محمد صلى الله عليه وسلم .

الجبرية على مر التاريخ
الجبرية الجاهلية : قد ربط العرب الاحداث التي تصيب الانسان من غير ان يقدروا على دفعه من مرض ونكبات ومصائب بألوهية الدهر. فهم مؤمنون بالقدر كقوة غيبية لا تملك حيالها فهما او تصرفا ولا تستطيع دفعها. فهم يخضعون أنفسهم لعناصر الطبيعة خوفا منها وطمعا في خيراتها.
فالعقيدة الجبرية هي العقيدة العامة السائدة في المجتمع الجاهلي. ومن البرهان على ذلك انهم يستقسمون بالأزلام، وكذلك لا يسافرون ولا يذهبون للحرب او التجارة الا بعد طلب التوفيق والمنفعة من معبودهم المادي، وكانوا يتخذون في منازل سفرهم ثلاثة أحجار للقدر ويطوفون حوله، وفي ذلك سلب تام لحرية الانسان وان الأمر خارج قدرته وإرادته وهو متروك للاصنام .
جبرية اليهود : في اليهودي فرقة يعتنقون بعقيدة الجبر ويسمون بالقراءون. فمثلا الفيلسوف الهولندي اليهودي باروخ اسبينوزا يقول: “شعورنا بالحرية سراب خادع” وقال ايضا: ان الانسان لا يملك اختيارا في افعاله وتصرفاته حتى في تحرك خاتمه في إصبعه. ويعللون قولهم بالجبر بان لكل حادثة سبب فان الانسان اذا ما رفع يده انما يرفعه بقرار اتخذه بارادة سابقة ولا يكون حر في رفع يده كما يرى، وكن ثم رفعه تنفيذا للارادة التي اتخذها.
وهكذا مالبرانش، فيلوسوف فرنسي ديكارتي انتهى به الكلام الى جبرية محضة، اذ يقول: “ان الفعل لله وحده، فلا الارواح تعمل ولا الاجسام تعمل، ولكن هذا النظام الذي نشاهده، ونظن انه اتصال بين الروح والجسم ما هو الا تناسق بين ميول الارواح وحركات الاجسام، وكل ذلك من فعل الله وحده، فهو يخلق الميول والرغبات في الارواح، وهو يحرك الاجسام وفق ميول الارواح اي ان الله هو خالقنا وخالق افعالنا .
جبرية النصارى : قد مال بعض فلاسفة النصارى وعلمائهم الى القول بالجبر وانكار حرية الارادة. والفرقة من النصارى الذين يدينون بالجبر يسمون باليعاقبة. وهم فرقة النصارى تنسب الى يعقوب، وهي احدى فرق ثلاث اختلفت حول طبيعة المسيح عاشوا في مصر والحبشة.

كن أحد معجبينا للفيس بوك وإضغط زر like أو ساهم بنشر الصفحة share
كن إيجابياً لا تقرأ وترحل بل أترك لنا تعليقاً...
إدعــم : صفحتى للفيـس بـوك


 

حقوق تطوير وتعديل القالب والإضافة عليه : أنس الباشا | مستضاف على بلوجر | فوتوشوب | تعديــــل | تعديــــل